قضيت يوما مرهِقاً هو يوم الخميس الموافق : 13\10\2011 .. و أكملتها بسهرة اليكترونية عتيِّة حتى ذهبت الى النوم صبيحة الجمعة ... و كما تعلم أن أكثر الأحلام والكوابيس التي نراها ماهي إلا مجرد ترسبات "مميزة" لأفكار عقلنا الباطن.
دعني لا أطيل عليك الحديث و أبدأ في سرد ذلك الحلم... تدور أحداثه في يوم الجمعة .. تطرقت أنا و أخي الى بعض المشاوير العائلية بعد صلاة الجمعة و قد انتهينا منها ثم قررنا أن ننطلق الى المنزل .. إلا أنني قاطعت أخي قائلة: "ما تيجي نروح القائد، هو مش النهاردة الجمعة ؟؟" .. سكت لوهلة ثم قال: "هاروحك الأول إحتمال النهاردة يبقى يوم صعب وماضمنش الظروف ... إرتسمت على وجهي ملامح الاحباط، ثم أردفت قائلة :" ما أنا عارفة انك هاتقول كدة أصلاً".... و ما أن هممنا بالإنطلاق من مدخل المنزل الذي كنا فيه، حتى سمعنا الكثير من الصراخ و الركض و الجميع في حالة هلع لم أرها من قبل إلا في يوم 28\01\2011 ... و كان الجميع يقولون "إجروا الجيش جاي.. و ماحدش يستخبى في مداخل البيوت ،الجيش جاي " و علمت حينئذٍ أن سطوة الجيش ستكون أسوأ من سطوة الأمن المركزي في جمعة الغضب ....
نظرت الى أخي والهلع ارتسم على وجهينا.. و أنا أقول في نفسي: " هانعمل ايه .. استرها يا رب" ثم انطلقنا نركض مع الراكضين حتى سمعنا نداءً آخر: "الجيش بيحاوط المنطقة خدوا بالكوا من الضرب" .. والصراخ يتعالى و الأصوات تصاب بحالات أكبر من الذعر ... و نظرت حولي لأرى بالفعل الجيش و هو يجري وراء المتظاهرين من امتداد الشارع يميناً و يساراً .. فانطلق لسان أخي ببعض الكلمات: " اللي حايتمسك مش هايعيش مابقاش وقت تظاهر خلاص .. و ضرب الرصاص مش حاينتهي" و قد أصابت تلك الكلمات أذني كما لو أن أحدهم دق سندانٍ بمطرقة حديدية بجواري ...
و أكملنا ركضنا مجددا متجهين نحو اليمين، حتى وجدنا شارعاً بل أشبه بحارة و كأن أحداً لم يعلم بوجودها قط.. أكملنا باتجاهها و كان بنهاية ذلك الطريق بناية ضخمة متهالكة المعالم.. يصدر منها أصوات مألوفة: "تعالي هنا تحت ده المكان الوحيد" ...و كان الطريق لتلك البناية قائم الزاوية تقريبا .. فأرهقني الطريق الوصول .. حتى أخذ أخي يشدني للصعود، الى ان وصلنا لهذا المكان و رأيت بالداخل عدد مهول من الناس، و كان كثيرا من الوجوه معروفة بالنسبة اليّ .. انهم زملائي بالقسم الدراسي و بعض ممن تعرف عليهم من تطوعات المجتمع المدني .. و كان المكان كبيراً لا أستطيع أن أصف مساحته و تتكتل الأجساد جنب بعضها البعض و كأنه يوم الحشر ..
و لم أكن أعلم أننا مقسمون الى فئات داخل ذلك المكان إلا بعدما رأيت احدى أساتذة القسم الذي أدرس فيه تتحدث بهاتفها المحمول ، و قد سمعت ما قيل لها عبر الهاتف: "خبيهم براحتك حانوصلهم و حانقتلهم ونقتلك .. انتي فاكرة اننا ما نقدرش ولا ايه ؟؟ .. فوقي يا Doc."" ده احنا الجيش و الشرطة و المجلس العسكري و مجلس الأمناء البديل و السلطة القضائية .. ثم أتبعت قائلة: " ج3 لاء .. مش هاسمح لكم أنت فاهم ؟! " .. لكنه أغلق المكالمة، و ازدادت صعقتي عندما علمت أنني و أخي أفراد من هؤلاء ال "ج3 " .. ثم نظرت الينا أستاذتي و قالت: ادخلو بس، احنا حانكون هنا ليومين أو تلاتة بالكتير.. و هايوصلنا امداد عشان نقدر نتصرف"...
و هنا أنطلقنا أنا و أخي في فم واحد: " حل اييييييييييييييييييييه .. ده بيقول جيش و شرطة و مجلس عسكري.. الخ، هي فيها حلول بعد كل ده ؟! و أي مؤن دي اللي حاتخلينا نقف قدام كل دول ؟؟ .. و هنا نصمت جميعا أصواتهم تحوم حول المكان الذي نحن فيه.." أيوه يا باشا المكان هنا فاضي و مافيهوش حد و البناية دي مهجورة.. بس ما تقلش يا فندم "ج3" حايكونوا عندك في أسرع وقت" ... أخذت أنظر بأعين أصدقائي و أخي و أقول: " ثورة مضادة !!!! .. بقى بيتقال عننا كدة دلوقتي ؟؟... ثم وجدت أصدقائي يطمئنوني بابتسامة واهية : "ما تقلقيش كان عندنا حالة الذعر دي من شوية و بعدين بنهدا.. حانبقى كويسين" ...
أفقت من ذلك الكابوس أتصبب عرقاً و أسأل نفسي: حاييجي يوم و يحصل كدة .. حا ييجي يوم و يحصل كدة ؟؟!! .. في الحقيقة لا أعرف .. لكنني أنطلقت الى كتابة تلك الأضغاث على أملٍ ألا يتحول الى حقيقة في يوم من الأيام ....
نـــــــــــــأســـــــــــــــــف للإزعــــــــــــــاج